الشاعرة ميسون الإرياني ومهارة الصورة الانزياحية \ * مجيب أحمد السوسي


الشاعرة ميسون الإرياني ومهارة الصورة الانزياحية
* مجيب أحمد السوسي
الأحد 20 ديسمبر-كانون الأول 2009




حينما ترغب أن تتصفح ديوانها:«سأثقب بالعاشقين السماء» تجبرك اللغة الطيّعةٌ لديها، على قراءة الديوان هذا بجدية وإمعان، ولتتناول ـ معظم ـ القصائد التي تضمنها المجموعة من حيث الشكل والمضمون فحسب.
«ميسون» لها علاقة كبيرة في النفاذ إلى تجارب الغرب الأوروبي، والآداب العالمية، وهذه ميزة لافتة، سهلت لها الدفق الشعري على مستوى لائق وواسع، وأعطتها مساحة لكي تُظهر البراعة التي اكتسبتها، وزينت بها الومض في تراكيبها النثرية المعبأة بفنية الشعر والتي أدت مدلولاتها المتحركة في استكشاف شغف الرجل وتحولاته النفسية:
حرمتك شفتي
فأضأت لي لغتك
إنه بُعد حيوي في علم النفس، من حيث المعنى واختزال بارع من حيث التركيب اللغوي والفني فلو أن العاشق حصل على نبيذه، لأطفأ الرغبة ووسيلة العصا السحرية، ولظلت لغتة صامتة ومطفأة..ولا يحتاجها،غير أن الحرمان ترجم عواطفه إلى لغة تتشظى إضاءة وبريقاً.
تبكر اللغة المعطرة والدافئة في صحف ميسون، ويباغتك المعنى لديها، ليجعلك تنهض ببصيرتك،ومملكة حواسك إلى الغصن الأسمى في هذه اللغة المدهشة:
اتكئ صوب روحي قليلاً
وكن طيباً
سأشعل ظلاً هناك
ليؤنسنا
ثم إن ميسون تريك أنها اقتربت في الواجدانيات إلى فضاءات الملاحم، عندما تشم الطبيعة في صمت الرؤى الإنسانية وسكينتها، فتشعر أنك تلخص الكون:
المدينة هذا المساء تنام
كأنثى يمشطها الهمُّ
ينذرها طاقة من عصافير
عندما تقرأ كثيراً من المجموعات الشعرية في كل العواصم العربية، كأنما تقرأ قصيدة واحدة، تتشابه القصائد رتماً، ومعنى، وطلسمة وغيبية.. وصوتاً..
في قصائد / سأثقب بالعاشقين السماء/ تتبدّل ـ كقارئ ـ بين مقطع شعري، ومقطع آخر وينتابك شعور دافق في القصيدة الواحدة ترابطاً، ومدلولات وبراعة في الإيجاز وحميمية في التفاصيل أيضاً.
إن حضور القصيدة في القصيدة، وأنت أمام نص شعري متكامل ـ ودعك من أن يكون النص لجدتها أوجدّها ـ وبالمناسبة فأنا أزعم هنا ـ بقوة ـ أن النفاق النقدي، أو المجاملات في العهدة النقدية العربية المعاصرة تميل كثيراً بهذا الاتجاه.. ربما بدافع التشجيع وهذا يقتل صاحب النص والنص معاً، وربما بدافع التملّق وذلك يطمر السوية النقدية الأخلاقية أنا ـ شخصياً ـ لا أعرف الشاعرة، ولم أتحدث إليها، ولكنني عرفت مجموعتها الشعرية الفذة، وهذا ليس تبريراً ما، ولكنه إشارة مبدئية ثابتة وصادقة.
مهما يكن من أمر، فإن نصوص ميسون الارياني في خزانتي النقدية، ستكون مرجعاً مهماً لمحترفي القصيدة الحديثة أو للساعين إلى كتابتها أو تعلمها، نظراً لاكتمال التجربة التي تبرئ ساحة نصها من المباشرة أو السردية، وتمكنها من الاتكاء على الصورة الانزياحية، بحساسية عالية وعمق فني جميل:
عجب من نبيين يؤويهما الورد
بين الجدائل
فاحتضرتُ!
أمسكا وجنة الريح،
علّ الطريق يضل الطريق،
ويخطف قلبيهما
عندها تُكسف الشمس،
تنثر أصواتها في شفاه الجبال
إنه تفجير مترف لطاقات اللغة، وهنا أريد الإشارة إلى أننا لم نستخدم إلا ثلاثين بالمائة من طاقة لغتنا العربية، ولا أعني بذلك المفردات،وإنما أعني كيفية تركيبها، وجمالية استخدامها.
فالمفردات ـ كما نعلم ـ متناثرة على جانبي الطريق، غير أن صناعة الدهشة فيها تحتاج إلى فنية عالية، وهنا لابد من الاستشهاد ببيت واحد «لنزار قباني» الذي يقول:
تبكي الكؤوس فبعد ثغر حبيبتي
حلفتْ بألا تسكر الأعنابُ
البكاء، الكؤوس، الثغر، الحبيبة، الأعناب كل هذه المفردات البسيطة متوفرة لدى الجميع أما القدرة الشعرية على توظيفها وإدهاشها فأمر آخر. نحن ندرك أن الخمرة تؤدي إلى السكر والثمالة، أما أن يجعل نزار الخمرة هي التي تثمل ـ بعد ابتعاد شفتي حبيبته عن الكأس ـ وبكاء هذه الكؤوس، ويمين الأعناب غير المحنث بأن لاتدوخ أو تسكر مرة أخرى !!
وهي التي تقوم بوظيفة ـ سُكر/ الآخرين، فجاء من يٌسكرها ويجعلها تترنح لذاذة وطيباً، فذلك هو الإدهاش ذاته.. من هنا، فإن لغة ميسون الارياني ليست باللغة الكسولة، وإنما استطاعت ـ برأيي ـ أن تضيف جزءاً بالمائة إلى استخدامات لغتنا وإلى فنية كنوزها التي تنام في اغفاءة واستطاعت أيضاً إظهارها وإخراجها من الحالة الاعتيادية والمكرورة إلى نمط متفجر ومتحرك وأن تمهرها بخاتم الإبهار والومض والحداثوية المشقة.
تكاد المجموعة تخلو من الأخطاء النحوية،ربما لأن ظلال المفردة المنقحة،والتي مدّت فيئها على المعنى،جعلت هذا المعنى مسبوكاً ، ومخيماً على الهنات القليلة.
نصوص المجموعة حقول متنوعة الثمار، وقد اتخذت مكانتها الشعرية في ديوانها/سأثقب بالعاشقين السماء/




*أديب سوري شاعر وناقد
http://www.algomhoriah.net/atach.php?id=26304

0 التعليقات:

في القبعة.. ينام قوس قزح







كل شيء في هذه السماء يشرح لك كيف تموت

فلماذا تستمر بتكرار اسمك ؟

لا حاجة أن تلبس صوتك النظيف

وقبعتك الفواحة

لا حاجة أن تدندن بصوت لا يخصك

بحنجرة رَمِده

لا حاجة أن تأكل قلبك

وتدخن سيجارة أفيون كبيرة

يكفي أن تقذف بي بعيدا

متشبثة برائحتك الضجرة

وتستمر بالوقوف ساخطا على السماء

\حين تُعرض عنك\

يكفي أن تتفوه بكلمة :
( تبا )

ليستقيل قوس قزح

ولا تموت وحدك

أو هكذا تظن بأن السَكينة تتسع فقط لاثنين منك 
أحدكما شاعر

ترك صبحه مفردا

ليصدأ

والاخر فيلسوف

حطم رقعة الشطرنج

وغرق بالموسيقى

هكذا قالت العصافير

قبل أن يستيقظ العالم

0 التعليقات:

كـــــــــــــــــــــف






العالم يئن
 
كأسكافي عجوز
 
بكف واحدة
 
يلمع أحلامنا اليابسة!

0 التعليقات:

حظ







الجيد
 
أننا لا نشبه الحزن
 
لكننا أيضا
 
لا نشبه السعادة !
.

0 التعليقات:

دفء











كغدير
 
سينقبض
 
ليخبئك
 
حيث يَخفى السؤال
 
وتعبَدالمسافة
 
وكالليل الصبي
 
في اللامكان
 
سيرقص.

0 التعليقات:

متكـــأ










كم الآن؟

أدرك أني سأمر كقصيدة

\لمرة واحدة\

سأمزق الألم.

أيهاالمزيفون\أصدقائي

الشعر

كذبة بيضاء

تفتن الزمن.

0 التعليقات:

Twitter Updates