نصوص قصيرة ..








أمنيات ممنوعة
 
لأن لي أمنيات 

ليس مسموحا أن أصبح وردة 
أو أُسْرعَ نحو الله 
ممنوع أيضا أن أكون عصفورا 
يوزع الكرز على الملائكة 
ولأني لست غيمة
  مستحيل حتّى أن أتدثر الشمس
  فأنا مثل أرنب صغير 
عليَّ أن أموت وحيدة 
فوق أرجوحتكَ الغالية..
 

الهُـوّيْـنَا
 
أيتها السنونوة 

من لكِ  
غير الوتد الغِر على حافة القصيدة؟ 
لينٌ كالطلع، 
محلقٌ كالغياب 
أيتها المزهوة بالخطو..
  تريثي حتى لا ينكمش العمر.
 
اكسكاليبر*



يتفتق بالضوء 

يركل المدى بيانع الصحو
  يقطف صبره المترنم على حوائط الزنبق 
مثل طير الفلامنجو 
فاتن حزنه ...
قائم كي يُسكر العالم
 
عـــــودة


لهنيهة رتبتَ فؤادي 

مسحتَ الوجع الميت في الزوايا 
أزلتَ الصبح المتعفن من النافذة  
وأعدتَه إليَّ 
أبيض 
و بكرا..
 
جنِّـــــة
 

مثل كل آخر ليلٍ 
أشرعُ نوافذي 
أنتظرك أن تجلب الطبيعة لعشقي المتقد 
أن تقشر الجنة لأغانيَّ. 
لن أتحدث اليوم عن السماء 
أو عن زهور جارتنا العنيفة  
قلبي الآن أكثر اشتعالا من حبة الكستناء..

هدية
 

بالسيلوفان 
لُفَّ قلبي 
هذا المثقوب كالبدر
  يقول القدر: "هي"مثل عشبة ضارة، 
بين مفاتيح البيانو
ستفتش عنك

دمعـة
 

في أرضي القزحية 
حتى القبور تدرك الحظ
  مثل الدولاب الدوار 
أو القمر الكبير المتدحرج على خديكَ.
 
* Styx
 

في الصمت 
أغوص بحثا عن سمفونية تقطف السوسن
  قبل أن تنطفئ أصابعكَ..

فاصلة
 

سألني عن الحظ  
هو شيطان.. 
أيتهاالكائنات الصغيرة
  غني  
رويدا 
حتى لا تسرق الريح أجنحتك..
  تمزقي 
رويدا 
حتى لا تطفئك الأرض.. 
رتلي وجهتكْ 
حتى لا يعلم الموت
بأن الوقت تاخر




*السيف الأسطوري في حكاية الملك آرثر "Excalibur"


**نهر الموت في الأساطير الإغريقية

0 التعليقات:

تعيّنات نصيّة :د. حاتم صكر


د.حاتم الصكر

 
كنت في المناسبات الثقافية التي ألتقي فيها الشاعرة ميسون الإرياني وأطلع على نصوصها الشعرية أعلق بالقول إن التعين النصي مفقود فيها لصالح التجريد الصوري واللغوين ويبدو أن ملاحظتي تلك المتصلة بالغنائية والتهويم والاسترسال أصبحت طرفة لتكرارها كلما التقيت نصا لها وتساءلت هي اما وجدت فيها تعينات ما؟ حتى أصدرت ميسون ديوانها قبل الأخير(سأثقب بالعاشقين السماء) ودخلت مرحلة الكتابة بالنثر، وبخيال مرسل لا تكلف فيه ولا تجريد غنائي. فقلت في استعراضي لعمل الأدباء الشباب في عملهم المشترك (سماوات) إن ميسون تحاول تجربة القصيدة المتعينة ، وكنت أشير لديوانها ( مدد) المنشور ضمن ذلك الإصدار والذي فازت عنه بجائزة رئيس الجمهورية في مجال الشعر لعام 2009 كما أصدرته مؤخرا في طبعة منفصلة بشيء من التنقيحات والإضافات. هنا يجد القارئ مناخا مختلفا عن كتاباتها الشعرية المبكرة ، ويتأكد ذلك خاصة في قصائدها القصيرة المكثفة لغة وإيقاعا وصورا والتي ضمها ديوانها ، حيث تحيل في العنوان الذي خالفتها في اختياره إلى ركح صوفي واستعادة لأجواء زهدية لا تلتزم بها في نصوص الديوان ، فكانت القصائد جديرة بعنوان أكثر دلالة وارتباطا بحداثة نصوصها فضلا عن أن المفردة (مدد) فقدت شعريتها لكثرة استخدامها ،هذا باعتبار العنوان مصافحة أولى بين القارئ والقصائد وعتبة نصية مهمة وليست حلية أو اسما اعتباطيا لمولود بلا هوية. كما أن التصوف والزهد ليسا مرجعين للقصائد فالشاعرة تنطلق في قصائدها لفضاء شعري متنوع الدلالات والاهتمامات ومتعدد المراجع.ومن أبرزها ما قراته باللغة الإنجليزية التي درستها متخصصة في الجامعة وأفادت من أجواء أدبها وشعرها خاصة. تقول قصيدتها ( مشهد) ذات الأبيات الأربعة أيضا:
البحر
مستوحش
كريح مكتئبة
عند حائط قلبي العجوز

وللقراءة أن تشتق الدلالات من وصف القلب والريح وتوزيع الأبيات في كلمات متناثرة قصدا.وفي قصائد أخرى تتضح معالجة الموضوع برؤى حداثية تعمل على تغييبه لصالح تعين صوره وإيحاءاته فتشتق منها القراءة مشاهد ومرائي متنوعة،كأن تقول في قصيدة(كف9 ذات الأبيات الأربعة أيضا:
العالم يئن
كإسكافي عجوز
بكف واحدة
يلمع أحلامنا اليابسة
وفي قصيدة حزن تقول بكثافة وبلاغة معا:
الجيد أننا لا نشبه الحزن
لكننا أيضا
لا نشبه السعادة
لقد كانت الغنائية الصارخة والاندفاع الموسيقي الملازم لها يسلب قصائد ميسون تلك المطابقات النوعية والإيقاعات المنخلقة من التوازي والتعارض اللذين يعكسان تعارضات العالم وإحساس الإنسان به وتعبيره عنه شعريا .

وأحسب أن ديوان (مدد) أدخل ميسون الإرياني كاسم آخر في الكتابة الشعرية النسوية العربية ذات المحصول الطيب بمقياس النوع والكم، وقبل ذلك بالاحتكام إلى الوعي النوعي بوضع المرأة من جهة ، وبدور الشعر في تمثيل ذلك الوعي وإظهاره فنيا..وفي نصوص مدد كثير من الشواهد على ذلك الوعي وترجمته عبر العلاقة بالآخر رجلا متعدد الصفات والمواقف والأفعال.
 
 نشرت في صحيفة اليمن

0 التعليقات:

Twitter Updates